البارت الثالث .. منافس قوي
رواية / هل يكفي عمري لنسيانك ؟!
بقلم / سمر الكيال
حسناء الكيال
البارت الثالث
************
(الصباح - في الفيلا - قبل الذهاب للنادي في يوم الاجازه)
الشمس لسه طالعة على استحياء،
والبيت رايق، فيه هدوء صباحي دافي، وريحة القهوة من المطبخ.
محمد طالع الدور اللي فوق، لابس تريننج رمادي غامق،
سادة، وشيك، ومعاه جاكت خفيف على كتفُه.
في إيده مفاتيح عربيته، ووشه هادي... بس عينيه مش ساكتين.
وصل لباب أوضتها، وخبط خبطتين خفاف:
- محمد:
"فرح؟ جاهزة؟"
- فرح (من جوه):
"ثانية واحدة..."
بعد لحظة، فتحت له الباب.
كانت لابسة طقم رياضي أبيض، عليه خطوط بسيطة بالموڤ،
شعرها ملموم على شكل كعكة سريعة، وخصلتين نازلين على خدها،
ووشها من غير ميكب... نضيف، ناعم، بس عنيها فيها حاجة... متغيرة.
بصلها ثواني، وسكت.
هي حسّت النظرة، فحاولت تكسر الصمت:
- فرح (بخفة):
"أنا جاهزة."
- محمد (يبتسم بخفة، وبصوت هادي):
"ممكن ندردش شوية قبل ما ننزل؟"
رجع خطوة، وهي سمحت له يدخل الأوضة.
قعد على الكرسي اللي جنب التسريحة، وهي فضلت واقفة، ضامّة إيديها.
- محمد (ينظر لها):
"أنا مكنتش عايز أزعقلك امبارح.
أنا بس... خفت."
- فرح (تخفض عنيها):
"أنا آسفة... لو زعلتك."
- محمد (بهدوء):
"اللي بيننا مش زعل.
أنا مش بزعل منك... أنا بخاف عليكي.
في حاجات البنات لما تعملها، حتى لو بنية طيبة،
الناس بتشوفها غير اللي إحنا قاصدينه."
- فرح (بهمس):
"بس أنا كنت بهزر... زي ما بهزر معاك."
بصلها بثبات... نظرته تقيلة، بس دافية:
- محمد:
"بس أنا مش زيهم يا فرح.
الهزار معايا عمره ما كان عادي.
وإنتي عارفة ده، حتى لو مش بتقولي."
سكتت، وشها اتغير... وبقى فيه كسوف ما بين براءة ومفاجأة.
- محمد (يقوم):
"أنا مش بلومك...
أنا بس خايف عليك.
بغير؟ آه...
بس مش عايزك تضيعي وسط ناس مش عارفين قيمتك."
- فرح (بصوت أقرب للبكاء):
"أنا ما قصدتش أضايقك..."
- محمد (بصوت دافي، وحنية حقيقية):
"عارف...
بس انتي عندي مش أي حد.
وأنا... مش أي حد ف حياتك، مش كده؟"
هي سكتت...
بس عنيها قالت "لأ"، و"آه"، و"أنا مش فاهمة بس حاسة"، في نفس اللحظة.
ويقول محمد بمحاولة منه لتغيير الموضوع : انا مستنيكي تحت ولو اتأخرتي هخليكي تلفي النادي جري 3 مرات ..
هو طلع، وساب أثر كلامه في الأوضة.
هي وقفت مكانها، عنيها ثابتة على الباب، وقلبها بيخبط في صدرها.
المشهد كان بسيط...
بس قلبهم عمره ما هينساه.
*************
يهبط محمد إلى الأسفل بخطوات هادئة،
ومفاتيح العربية بتترن في إيده.
يلقي التحية وهو يعدي على السفرة:
- محمد (بصوت دافي):
"صباح الخير يا ستات البيت الحلو."
- ليلى (ترفع نظرها من الجريدة):
"صباح النور...
بس إيه ده؟ ماسك مفاتيح العربية الصبح بدري كده؟ رايح فين؟"
- إلهام (تبصله بتساؤل وهي تشرب القهوة):
"ولا إنت بتفكر تهرب مننا؟"
- محمد (يبتسم وهو يحط المفتاح على طرف السفرة):
"بقالي أسبوعين ماخدتش فرح التدريب،
والكابتن كلمني بيقولي إنها متأخرة في تمارينها...
فقلت لازم أوديها النهاردة."
- ليلى (بغضب خفيف مصطنع):
"يعني كالعادة...
إنتوا تروحوا النادي،
واحنا نقعد هنا بين أربع حيطان نشرب شاي ونتفرج على السقف!"
- محمد (يمسك كرسي ويقعد بنص جدية نص هزار):
"ما أنا قولت لكم تيجوا معانا،
إنتوا اللي دايمًا عندكم أعذار."
- إلهام (بابتسامة جانبية):
"يا حبيبي... احنا خلاص كبرنا على الحاجات دي
- محمد (يبص لليلى ويقول بنبرة حنونة):
"وبعدين يا لولا...
ما أنا قولتلك تعالي معايا الشركة زي زمان،
وحشتيني في الاجتماعات، و صوتك اللي يوقف قلب أي موظف متأخر."
- ليلى (تضحك وتعدل نظارتها):
"إنت بتشتاق لصوتي ولا للملفات اللي كنت أرميها في وشك؟"
- محمد (بضحكة حقيقية):
"للإتنين بصراحة."
فجأة يُسمع صوت خطوات ناعمة نازلة من على السلم،
تظهر فرح ...
- فرح
"صباح الفل."
- إلهام:
"صباح العسل يا عسل!
بسرعة كده نازلة؟ ولا محمد هدّدك؟"
- فرح (تضحك وهي تبص لمحمد):
"هو قاللي لو اتأخرت هيخليني ألف النادي جري ٣ مرات!"
- محمد (يغمز):
"أهو تهديد أهو... بس بنية طيبة."
- ليلى (بمزاح وهي تراقبهم):
"أنا حاسة إني بتفرج على مسلسل ونسيت أجيب الفشار."
- إلهام (بضحكة دافية):
"هو إنتي لسه ما خدتيش بالك؟
ده المسلسل شغال من سنين... واحنا بس بنتفرج."
- محمد (يقف وهو يشير لفرح):
"يلا يا آنسة... عشان نوصل بدري."
- فرح (وهي تمسك شنطتها):
"استناني بس آخد زبادي من التلاجة."
- محمد (بنغمة مكر):
"أنا لو اتأخرت عن تمريني عشان الزبادي،
هحرمك منه أسبوع."
- فرح (بضحكة وهي تدخل المطبخ):
"يبقى هاعيش على القهوة زيكم."
- ليلى (تهمس لإلهام):
"هو بيحبها... وبيخاف عليها أكتر ما بيخاف على نفسه."
- إلهام (ترد بحنان):
"وهي كمان... بس لسه مش شايفة ده بعينها."
- ليلى (بهمس):
"هو مستنيها تكبر وتشوف... بس خايفة عليه من صبره."
- إلهام:
"وإحنا بندعيلهم... يدوقوا الحب قبل ما يفوتهم."
*******************
وصلت سيارة محمد عند البوابة،
فرح نزلت وهي بتضحك وبتحاول تظبط شعرها اللي طار من الهوا ..
محمد نزل وراها، مفاتيح عربيته بتترن في إيده،
وبنظرة سريعة على الساعة، قال:
- محمد:
"لو الكابتن ما ضربكيش على تأخيرك، أنا هضربك!"
- فرح (تضحك وهي تمشي جنبه):
"ما هو أنا اتعودت على تهديدك أكتر من التمارين نفسها."
ظهر فارس عند ملعب التنس، بيهز إيده لهم.
- فارس:
"أنا بقيت أشك إنكم بتناموا هنا!
ولا إيه؟ هي الفيلا في النادي؟"
- محمد (يسلم عليه):
"لا إحنا جايين ننقذ مستواها اللي بيهبط كل أسبوع."
- فرح (بمكابرة):
"أنا لسه أعلى منكم في عدد الكور المسددة يا كباتن ."
- فارس (بص لمحمد):
"بتربيها على التمرد؟ ولا بتستسلم للواقع؟"
- محمد:
"هي الواقع كله... وأنا مستسلم، غصب عني."
ضحك خفيف بينهم، لحد ما...
سمعوا ..
صوت خطوات هادية وثقيلة،
نظرات الناس بدأت تتوجه تلقائيًا ناحية البوابة.
أحمد السوهاجي دخل.
نفس الهالة... نفس السكون اللي يسبق العاصفة.
قمحي، طويل، عينيه سودة حادة، صوته هادي بس تقيل.
خطواته فيها ثقة... لكن عينه كانت بتدور.
ولمّا شاف فرح؟
وقف.
مفيش ذهول مبالغ فيه، لكن...
في نظرة عرف.
- أحمد (بصوت منخفض، وهو يقرب منهم):
"فرح؟"
فرح لفت له، عينها اتوسعت لحظة... وبعدين ابتسمت:
- فرح (بلطف):
"أستاذ أحمد؟
إنت هنا؟"
- أحمد (بابتسامة مايلة):
"واضح إنك مشيتي على كلام الكابتن ورجعتي النادي.
أنا كنت فاكر إنك زهقتي."
- فرح:
"هو قالي إني محتاجة أركز أكتر، بس...
ماكنتش عارفة إني هشوفك تاني."
- أحمد (بص لمحمد، وابتسامته اتهدّت):
"مش قلتِيلي إنك بتيجي لوحدك؟"
- محمد (يتدخل، ونبرة صوته هادية بس فيها عمق):
"هي عمرها ما بتيجي لوحدها...
أنا موجود."
اتمدت يد أحمد يسلم، ومحمد مد إيده... وقالوا في نفس واحد هو انت تعرف فرح ؟!
رد أحمد بابتسامة خفيفة : اتمرنا انا و فرح اكتر من مرة .
ويقول محمد بحده خفيفه وهو يضغط على يد أحمد قبل أن يتركها : قصدك الآنسة فرح وأكمل الآنسة تبقى بنت عمتي وانا المسئؤل عنها
- فارس بصوت منخفض وهو يميل على محمد :
"غريبة... مش أول مرة حد يعجب بفرح، بس أول مرة أشوفك تقفل وشك بالشكل ده."
- محمد (بهدوء وبص لفرح):
"أنا؟ لا... أنا بس خايف عليها من التمرين النهاردة."
- فرح بعد ما سمعت همسهم تحاول تغير الموضوع وتضحك
"هو خايف على الكابتن، مش عليا."
- أحمد (بصوت عميق وهو بيبصلها):
"أظن الكابتن دلوقتي لازم يشتغل أكتر... واضح إن عندك داعم قوي."
- محمد (نظرة حاسمة):
"وأكتر مما تتخيل."
فرح تبص في الساعة اللي في يد محمد وتقول:
- فرح (بنبرة مهذبة):
"أنا هستأذن أبدأ التمرين، الكابتن مش بيحب التأخير... اشوفكم بعدين."
- أحمد (بابتسامة دافئة):
"بالتوفيق، يا فرح."
تمشي فرح بخطوات هادية، بس ملامحها فيها كسوف خفيف،
كأنها بتحاول تتجنّب تبص في عينه تاني.
بمجرد ما اختفت، أحمد رجع يبص لمحمد وقال:
- أحمد:
"أنا كمان لازم أمشي، عندي تمرين كمان شوية و خلينا نشوفك ."
- محمد (بابتسامة هادئة):
"أكيد ."
أحمد مشي بخطوات ثابتة وراقية كعادته.
فارس قرب من محمد، سحب كرسي وقعد جنبه وقال بصوت واطي:
- فارس (بغمزة):
"هو ده أحمد السوهاجي؟
ولا لسه في نُسخة تانية من اللي البنات بتدعي بيه في صلاتهم؟"
- محمد (يرفع حاجبه وهو بيرمي نظرة هادية):
"لا يا حبيبي، هو ده...
أحمد السوهاجي اللي لما يدخل مكان،
الرجالة تشد بطنها...
والبنات تشد شعرها."
- فارس : هو انت تعرفه معرفه شخصيه
محمد : قابلته اكتر من مره بسبب الشغل
********
فرح كانت لسه بتربط شعرها قدام مراية صغيرة
شايلة جاكيت التمرين، ومستعدة تبدأ.
صوت خطوات هادية وراها خلّاها تلتفت...
كان أحمد.
- أحمد (بنبرة خافتة):
"فرح؟"
- فرح (بكسوف واضح وهي تضبط جاكيتها):
"أيوه؟"
- أحمد (يقرّب خطوة، بس يحافظ على المسافة):
"كنت عايز أطمن عليكي من زمان،
لما ما ظهرتيش الفترة اللي فاتت،
حسّيت إنك بطّلتي تيجي النادي خالص."
- فرح (تبتسم بخجل وتحاول تنهي الكلام بلُطف):
"كان عندي امتحانات... وبعدين شوية ظروف،
بس الحمد لله رجعت النهاردة."
- أحمد (بصوت أكثر دفئًا):
"أنا حتى قلت لنفسي... لو شفتك النهاردة،
أوصلك لحد باب صالة التمرين... علشان أطمن إنك فعلاً بخير."
- فرح (تخفض نظرها وتحاول تتحرك):
"أنا تمام الحمد لله...
شكراً على اهتمامك، بس الكابتن مستنيني."
- أحمد (بابتسامة مايلة):
"أنا اللي متشكر إنك رجعتي... النادي كان ناقصه حد عنده طاقة زيّك."
فرح تبتسم بسرعة، ومش بترد،
بتكمل طريقها ناحية الملعب،
وتسيبه واقف، بعينه سكون... وفي قلبه سؤال مالوش إجابة.
*******************
(في السيارة - بعد يوم طويل في النادي - الجو ساكن، وموسيقى خفيفة ماشية في الخلفية)
كان محمد سايق بهدوء، إيده اليمين على الدريكسيون، وإيده التانية بتعدل زرار التكييف.
فرح قاعدة جنبه، ساكتة... بتتفرج من الشباك، وشعرها مربوط كعكة فوضوية، ملامحها فيها نعاس وراحة.
- محمد (بنبرة ناعمة جدًا ومكر خفيف):
"هو أنا نسيت أسأل...
أنتِ تعرفي أحمد السوهاجي منين بقى؟"
فرح لفّت له ببطء، رفعت حاجبها باستغراب لطيف:
- فرح:
"أحمد؟ أيوه، اتقابلنا قبل كده في النادي،
تمرّنا سوا مرة زمان... لما الكابتن جمعنا في تدريب جماعي."
- محمد (يميل براسه كأنه بيفكر):
"آه... يعني مش أول مرة تشوفيه."
- فرح (ببراءة):
"لأ طبعًا... بس المرة اللي فاتت ما اتكلمناش غير في التدريب.
هو كان لطيف، بس عادي يعني."
- محمد (بابتسامة جانبية وهو مركز في السواقة):
"عادي؟ طب وإزاي كده فجأة بقيتوا بتسلموا بالأسماء والضحك؟"
- فرح (تضحك):
"محمد!
هو سلّم وقال إنه افتكرني، وأنا رديت السلام...
يعني مش شايفة حاجة تستدعي الاستجواب ده."
- محمد (يبص لها بنظرة جانبية، وهو لسه مبتسم):
"استجواب؟
ده أنا بس بحاول أتابع تطورات حياتك الاجتماعية...
ما شاء الله، النجومية بتزيد يوم عن يوم."
- فرح (تضحك، وبصوت خافت):
"أهو النجومية كلها بسبب حضرتك،
لو ماكنتش بتاخدني وتجيبني كل يوم، ماكنتش بقيت مشهورة كده."
- محمد (بابتسامة واسعة، لكن عينه فيها سؤال مالوش رد):
"طيب... الحمد لله إنك بتفتكري الجميل."
سكتوا لحظة...
والهدوء غطّى العربية تاني،
لكن جوه محمد... السؤال لسه شغال:
"هو حس بإيه؟
وليه حضوره خلّاني أفكر ألف مرة؟
هو أنا غيران؟ ولا أنا... مغرم؟"
***********
بقلم / سمر الكيال
حسناء الكيال
** انتظروني البارت القادم إن شاء الله**
رائعة
ردحذفكملي بلييييز
ردحذفكتير حلو
ردحذفوين باقي الرواية
رائع
ردحذفحبيت فارس كتير مهضوم
ردحذفهي راح تحب أحمد ولا محمد
ردحذف